" نسيتُ من يدهِ ، أن أسترد يدي "


18 مايو 2012

كلام معقود بالغيّ.

بعد أكثر من ثلاثين يوماً، ها أنا أكتب بدافع الكتابة ليس إلاّ!
كلما دخلت هنا بفيضٍ من الكلِم وشرعت أكتب وأكتب وأكتب ثم توقفت فجأة وكأن شيئا بارداً لامس حرارة حماسي ثم أُصبت ببلادةٍ فجائية لأترك ماكتبت في طي الـ(نقص) وفي آخر أدراج المسودات.حينها يراودني شعور كبير بالخيبة وبأني يجب أن أحسم هذا الأمر حالاً :إما أن أبدأ بسرد متواصل أو أن لا أنطق إلى الأبد! هكذا أنا لا أحب وقوف موقف الوسط ،الوسط بات باهتاً لاتوازن فيه …إن هذا التوازن الذي يثرثرون به ليس إلا ضرباً من الأساطير!
لا شيء يغدو حقيقا حين يصبح كاملاً. الكمال يُفقد الأشياء ماهيتها أحياناً. لذا أجدني كثيرا ما أتعلّق بالجزء المبتور من الحياة وأتناغم معه كأنه الجزء الموجود.
إن في هذا الوجود مساحات فراغ شاسعة.. أشبه بأن يكون بين خطوةٍ وأخرى هوة ،أشبه بأن لا يغنّي إلا المعتوه ولا ينظم شِعراً إلا الأعمى ولا يعيش في حدائق الحب إلا الفقير. إن هؤلاء هم أهل الوجود الحقيقيون ، هم شكل التوازن الذي يجب أن يكون عليه مفهوم التوازن. هم المترنحون في جحيم الإستقامة.
كم علامةً اقتنصت مكان شهرتها قبل أن تُخلق؟ كم ماضياً توارى قبل أن يحين حاضرٌ أو يتشكل مستقبل؟ كم يقينا نبارك نباته في مزراع شكوكنا؟ لكم تجرّد هذا العالم من أقنعته ولكم ظللنا في تظليل حقيقته، وتزييف أحداثه بما يتماشى مع الأصوات التي تركضُ في أسلاك رؤسنا المتشابكة. في كلّ حادثة نشرع بالدهشة وبعدها التصديق على مضض ثم التواطئ مع الجرعة التي حددها لنا كي نصبح ذو قوة تعيد بنا رغبة السير مجدداً!
و في خضمّ هذا كله، الكثير يقعون في غلوّ التشكيك والنفرة من واجب اليقين، يتصدع بهم الزمان وتتخطفهم الأمكنة .. لكنه لاضير من ذلك. إنهم هم أنفسهم الذين يكتبون لنا شطرا من قصيدة نتداولها كضماد ونمرغ بها وجوهنا كبقعة طاهرة. يلوكون بأحرفهم هذا الزيف ويصيّرونه جنّة من لاجنّة له. إنهم هم أنفسهم الذين يتباركون بالألوان ويمجّدون الخطوط . يتأوهون الآفاق في لوحة تتمادى في طيّها أحداقنا. إنهم هم أنفسهم ايضاً الذين يجعلون من سكوتهم غنيمة للتائهين في زمرة المتحدثين، وخشوعاً في قيام الأوابين… إنهم هم الذين يخلقون مساحات الفراغ ايضا،ويشعلون فتيل القيامة بين خطوتين.


ياللحقيقة!!